كتف على كتف والتقت العيون

اعلان 780-90

كتف على كتف والتقت العيون


في ذكرى الشهداء، قصة يرويها من تمنى ان ينال الشهادة ليلتحق بركب المدافعين عن الوطن والمقدسات، كانت أحداثها في سنوات الاقتتال مع تنظيم القاعدة في ارض العراق.

أحداث من محنة العراق

في فجر يومٍ حزين من أيام محنة العراق وشعبه، توجهت قوة من رجال الداخلية تساندهم قوة خاصة من أبناء العراق، ليطهروا ارضاً عراقية من غزو تنظيم القاعدة التكفيري الإرهابي، في ذلك اليوم، كانت الشمس قد خجلت من الظهور سريعاً، وكأنها تعرف ان كميناً قد اعد من الليلة الماضية، ولكنها لم تستطع ان تخبر الابطال عنه، واكتفت بان تكون اطلالتها خجولة فقط، وفي فترة خجلها الذي استمر لأكثر من ساعة، تحرك الابطال نحو هدفهم في طريق زراعي متلوٍ كالأفعى، وكانت على جانبيه ترتفع اعواد القصب عالياً، كأنها غابة الأرز في قصة كالكامش، واثناء دخول قوة رجال الداخلية الابطال، وبدلاتهم المرقطة باللون الأزرق، كأنهم إعصار انقض ليقتلع أشجار الخبث من جذورها، تعرضوا الى غدرٍ من بعض من وثقوا بهم، فوقعوا في كمين محكم، ما اشرقت الشمس وفتحت عينيها الا على دماء شريفة تسيل على ذلك الطريق المتعرج.
وتعالت أصوات أجهزة الاتصال اللاسلكي، اننا نتعرض للضرب من كل مكان، ولم تكن حينها القوة الأخرى قادرة على حل هذه الازمة، والتدخل لإنقاذ الموقف، فكان لابد من الاستعانة بالصقور، أبناء العراق، الجنود المجهولين، فهبوا لمساندة الابطال.
كان الفخ محكماً جداً، وكانت كل الظروف إيجابية بالنسبة لتنظيم القاعدة، فعلم الجميع بأنهم سوف لن يخرجوا من هذه المعركة من دون خسائر، فنزعوا الدروع، ورموا بالأقنعة، وكشفوا وجوههم للمرة الأولى لبعضهم البعض، كانوا يقاتلون عدواً واحداً، ولم يكونوا يعرفون بعضهم بعضاً، وتقدموا لفك الحصار عن اخوتهم، وهم يسيرون والرعب يسير معهم.

كتف على كتف

عندما رمى أحد الإرهابيين بقذيفة ار بي جي على قوة الصقور، كانا قد وقفا وهما كتف على كتف، وبسبب الانفجار، التقت العيون، فطبعت صورة كل منهما عند الاخر، هنا التقيا، وهنا تفرقا، كانا يعرفان أحدهما الاخر باسمه الحركي، تحركا معاً، وانتصرا معاً، ومن ثم توادعا وداعهما الأخير، بعدما انتهت المعركة ورفعت راية النصر.
اجتمعا على حب الوطن، وذهب كل فتىً منهما الى حال سبيله، انهم فتيةٌ امنوا بربهم، لم تجمعهما المصلحة الشخصية، فكانا قد آثرا حب العراق على حب نفسيهما، لقد كانا نكرتين امام هذا الوطن، وذهبت الأيام وانقشع ظلام واتا ظلام اخر، فاذا بهما قد التحقا من جديد مع من يساند الجيش والشرطة، كانا قد التحقا هذه المرة مع الحشد الشعبي، ليحاربا داعش التكفير والقتل والفساد والإرهاب.
كانت الصدفة ان جعلتهما يتشابهان في الضحكة، والجدية، وفي الفكر والمضمون، حتى انهما تشابها بلحيتهما المصبوغة بلون الحناء، وعلى امل ان يجتمع الشمل مرة أخرى، كان الراوي ينتظر رؤية زميل الجهاد، وهو يبحث في الوجوه، وفي صدفة من الصدف، وهو يقلب في موقع اليوتيوب، رأى ذلك الصديق الغريب، ولم يقرأ عنوان الفيديو، فقط فتحه عسى ان يمسك بمعلومة ليصل اليه، فاذا بالفيديو يتكلم عن بطولاته، وكيف قضى حياته وكيف ارتقى شهيداً، وهو يقاتل داعش في محافظة صلاح الدين، كانت صدمة كبيرة.

الجندي المجهول

ارتقى شهيداً سعيداً، لم يكن يبحث عن الشهرة، كان هدفه ان يحمي العراق، وان يحمي المقدسات، ارتقى شهيداً سعيداً بعد ان حقق غايته، وظل صاحب الرواية يستذكر لحظة الانفجار، عندما كان يقف معه كتف على كتف حينما التقت العيون، هو عرف مصيره وانتهت حكاية صبره وجهاده، اما الاخر مازال حيران، في كيف ستنتهي هذه الرواية.
تحية تقدير واحترام، ومعها باقة من العز والاباء، ملفوفة بعلم الانتصار والغلبة، تقدمها أنفسنا المتواضعة، الى كل جنديٍ مجهول، والى كل شهيدٍ حي، والى كل نفسٍ مطمئنة رجعت الى ربها، نقدمها ومعها ملايين الامنيات والدعوات، ان يرفع درجات الشهداء ويرحم الأموات وان يبقي شرارة عشق الوطن وشعلة الوطنية في نفوس الاحياء، وانشاء الله يكون الملتقى عند سيد الشهداء، الحسين ع في جنان الخلود.
والحمد لله رب العالمين

اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد

مواضيع ذات صلة

فتح التعليقات

اعلان اعلى المواضيع

اعلان وسط المواضيع 1

اعلان وسط المواضيع 2