الاختناق

اعلان 780-90

الاختناق


صديقة الانسان الوفية

منذ الولادة، وهي الذراع الأول الذي يساعده على الحياة، كل شيء يتوقف معها، هي من تعطيه الحياة، هي نبع الصحة والحنان، ورغم مشقات الدنيا وما فيها من تحديات، الا انها لا تكل ولا تمل تدافع عنه بكل ما اوتيت من قوة، لتنهض به في كل مرة.
لم تمانع ان تكون عرضة للآفات، ولم تنهزم يوماً امام المتطفلين، كانت لا تقبل لاحد ان يغزو عزيزها الغير مبالي بها، رغم انها تسقط بقوة، الا انها لا تستسلم، ولا تقبل الا ان تكون في المقدمة.
تتذبذب كأنها أمواج البحر، مرة تصعد ومرة تنزل، مرة تتحرك سريعاً ومرة أخرى تسكن بهدوء، سرعتها تخيف، وسكونها مخيف ايضاً، اعتدنا ان نراها ولكننا لم نعتد ان نسمع صوتها، فهي لا تتكلم الا عندما تشعر بالمرض، ولا ترفع صوتها الا حينما ينال منها الغرباء.
تعمل بجد مع اخواتها واخوانها، لترضيه، فقط لترضيه، ولكنه عاقٌ الى ابعد الحدود، لا ينفك يعذبها رغم وفائها المطلق له، وهي مع معاناتها من هذا الجفاء والظلم، ولكنها لم تنسه وتحاول ان تخدم عائلتها حتى اخر نفس لها في الحياة.
هو ملعونٌ لأنه يجلب الغرباء المؤذين اليها، ملعونٌ لأنه لا يحترم من يحبه ويخلص له، يؤذيها بالنار، يحرق بشرتها الحساسة الرقيقة، يرميها في الاتربة ويطعمها الغبار، ومن اجل نزواته التافهة، يرخصها امام قطاع الطرق ومنتهكي الحرمات.
وهي تعاني الصعاب في الاستمرار، حيث لا مفر من الاغتصاب، وهي تقوم بعد كل مرة تحاول ان تنسى الألم، وتعيد نفسها بوفائها العجيب، لتخدم هذا المتنمر، انها رحمة الله التي لا نشكره عليها، ولا نعرف كيف نجازيها على اخلاصها لنا.

الرئة أمانة بجسم الانسان

لم أكن أتكلم عن الام، ولا عن الزوجة، ولا عن أي فردٍ في الاسرة، كنت أتكلم عن ذلك الجزء الحيوي في جسم الانسان، كنت أتكلم عن الرئة، التي هي من يبقي القلب ينبض، ليزود الجسم بالحياة والاستمرار.
ورغم انها مهمة الا اننا نعاملها بقسوة، بشربنا السكائر، واستنشاقنا للغبار والدخان، وتعاطينا للمخدرات، من الأولى بنا ان نرعى من يرعانا، لنعتبرها احدى افراد عائلتنا، ولنعتبر ما يضر بها هم اشخاص همجيون، ولنحاول ان لا ندخل عليها من يعتدي عليها ويسيء اليها ويؤذيها.
الرئة امانة وعلينا ان نصون هذه الأمانة، وعلينا ان نحميها قبل فوات الأوان، حيث الرقود الأخير في المستشفى، والشعور بالاختناق القاتل، اذ لا فرار من الامر المحتوم، موت بطيء ومؤلم، معاناة في الاستمرار على قيد الحياة، لا استغناء عن قنينة الاوكسجين، وقصور في أداء الوظائف الأخرى.

فالنداء، وان كان متكرراً ولكنه يبقى مهماً

، انه نداء موجه الى كل شخصي وفيّ، لا تؤذي من احبك وأخلص لك، ندائي الى كل شخص ضميره حي، لا تنم وانت ظالمٌ لمن لا يستحق الا الاحسان، ندائي الى كل من يشعر بالغيرة على حبيبته، لا تدعها بيد كل من هب ودب وتعرضها للمشقة والاعتداء، ندائي الى كل شخص مرهف الإحساس، كن لطيفاً مع رئتك فهي في خدمتك.
والحمد لله رب العالمين

اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد

مواضيع ذات صلة

فتح التعليقات

اعلان اعلى المواضيع

اعلان وسط المواضيع 1

اعلان وسط المواضيع 2