البِداء

اعلان 780-90

البِداء


ما هو البداء؟

هي إحدى المعتقدات الإسلامية التي تدور حولها الخلافات، حيث يتوقف عليها البعض بتشنج ويفتحون من خلالها دكانا لبيع الشتائم على المعتقدين بها، واتهامهم بالكفر وغيرها من المصطلحات التي اعتاد الشارع الإسلامي الاستماع إليها، ولكن ما لا يفهمه الناس أن المعتقد مبني على فكرة لها أصولها النقلية والعقلية ولها تطبيقاتها في الحياة، حيث أنها تكون أكثر نفعاً للإنسان، وتعطيه فرصة للأمل.

البداء بين المعنيين اللغوي والاصطلاحي

باختصار فإن البداء يناقش على وجهين، أحدهما لفظي، ((وهو في اللغة بمعنى الظهور والإبانة بعد الخفاء)) وهذا اللفظ إذا ألحِق إلى الله بمعناه اللغوي فإنه سيكون فيه تنقيص للقدرة وجعله تعالى بمنزلة الجاهل، وحاشاه عز وجل لأن معتقدنا في الله ينفي عنه الجهل والنقص في العلم.
أما الوجه الثاني، فهو الاصطلاحي، ((فيراد به التغيير والتبديل))، وهذا المعنى لا يتنافى مع قدرة الله وعلمه، بل هو تسليم منا على عدل الله ورحمته، حيث أنه سبحانه قادر على تغيير وتبديل ما هو مكتوب على الإنسان، وهذا ما يجعل أبواب التوبة مفتوحة في وجه العباد، مما لا يترك للناس فرصة لليأس والقنوط، وهو واقع حال من يعتقد بأن الإنسان في أفعاله مخير وغير مسير كما يعتقد البعض الآخر، وبذلك فإن مشيئة الله في عباده قابلة للتغيير والتبديل على حسب ما يقدمه العبد لنفسه من خير أو شر، وحسب مبدأ القدرة المطلقة له تعالى.

إثبات البداء بالعقل

لو جلبت مختصاً في المعادن، ووضعت بين يديه قطعة من الحديد، وسألته عما سيحصل لها لو تعرضت للمطر والهواء، فإنه سيقول لك بأن قطعة الحديد ستتآكل بسبب الصدأ، وحصول تفاعل بين الحديد والأوكسجين ينخر تلك الكتلة المعدنية كما تنخر الأرضة قطعة الخشب، ومن ثم تتحول إلى فتات تذروه الرياح.
ولكنك ولتفادي حصول الواقع لتلك القطعة الحديدية، قمت بمعالجتها وطلائها وعزلها بشكل احترافي، حتى لا يصل إليها الماء ولا الرطوبة ولا الهواء، بالنتيجة: فإن تلك القطعة لن تصدأ ولن تتحول إلى غبار، وستبقى على حالها قوية وعمرها طويل ومحافظة على خواصها الطبيعية. هذه المعالجة البسيطة هي بالحقيقة أشبه بالبداء، حيث يكون التغيير والتبديل لواقع الشيء إذا ما تم معالجته بطريقة صحيحة، وفي الحقيقة فإن خواص الحديد لم تتغير، فكلام خبير المعادن لم يكن خطأً، وتغيير الحال لم يحدث عن جهله للحالة، فنحن في حياتنا قادرون على اتخاذ القرار، والذي يحدد أحد مصيرين، قد حددهما الله تعالى لعباده، إما متأثرين بعوامل الطبيعة كقطعة الحديد، وننتهي بالتآكل والانهيار، أو بالمعالجة الصحيحة والتي تنتهي بالنجاح والثبات.
((إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا))، والحمد لله رب العالمين.

اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد

مواضيع ذات صلة

فتح التعليقات

اعلان اعلى المواضيع

اعلان وسط المواضيع 1

اعلان وسط المواضيع 2