بغداد «المحتلة».. كيف تتخلص العراق من الولاءات وقوى الاستقطاب؟

اعلان 780-90

بغداد «المحتلة».. كيف تتخلص العراق من الولاءات وقوى الاستقطاب؟



من ظن او يظن ان العراق حر ويمتلك إرادة فهو مخطئ، العراق وجميع الدول لا تستطيع ان تكون مستقلة الا من خلال مساندة الدول العظمى والمسيطرة على العالم بسياستها واقتصادها وجيشها، ولا توجد دولة لا توالي احدى هذه الدول العظمى وتنفذ لها مخططاتها، ولكن هناك فارق مع العراق من حيث تعدد الولاءات وانقسام الشارع العراقي الى ثلاثة اقسام، القسم الأول يرى ان موالاة الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتمسك بالعمق العقائدي مهم بالنسبة له، وهو ما يبقي على وجوده ومكانته، ولهذا هو يعمل على إنجاح ارادتها في العراق بكل ما اوتي من قوة، اما القسم الثاني فهو يوالي المملكة العربية السعودية ومن معها لأنها تمثل العمق العقائدي لهم وهي جدار الحماية من ايران واتباعها في العراق وهم ينفذون ايضاً ارادتها في العراق، والقسم الأخير هم من يريد للعراق الحرية من تدخلات ايران والسعودية وجميع الدول الأخرى.

الحلم بالتحرر غير ممكن، فالجمهورية الإسلامية الإيرانية هي ذراع الشيوعية في المنطقة ومصالحها تتقاطع مع مصالح الرأسماليين، وعلى النقيض منها فان المملكة العربية السعودية هي ذراع الرأسماليين في المنطقة ومصالحها تتقاطع مع مصالح الشيوعيين، ولهذا نجد ان صراع البقاء والسيطرة بين الجبهتين الشيوعية والرأسمالية مستعر في العراق، لأنه يقع في منطقة التقاء الخصماء، اضف الى ذلك التمرد الذي تقوده تركيا وحلمها للعودة الى عهد التسلط والامبراطورية، وتقلبها بين حبال الشيوعيين والرأسماليين، وهي العنصر المشاغب في المنطقة وغير واضح في الانتماء.

ومن اجل ان تحقق الدول المتصارعة أرضية خصبة لها، فهي تحتاج الى ضرب الاقتصاد والترابط المجتمعي، ومن ثم تكوين أذرع متفرعة منها تحمل السلاح تحت عناوين متعددة داخل العراق ومن العراقيين بشكل اساسي، مهمتها تحقيق النتيجة المطلوبة في تحقيق مصالح اسيادها، وهذا ما تحقق بالفعل خلال الأعوام المنصرمة حيث تشكلت الجيوب المسلحة تحت عناوين المقاومة ومن ثم الدفاع عن النفس، وهي ما أوصلت العراق الى الاقتتال الداخلي الطائفي، وانتهى الى دخول داعش وسقوط العراق في دوامة جديدة رافقتها ممارسات من كلتا الجبهتين في إضعاف الاقتصاد العراقي.

هذه الممارسات التي اعتمدت غسل العقول والاستفادة من المشكلة المذهبية بشكل أساسي وخلق الجو المناسب للتباغض ودفع الافراد للالتحاق الى جيوشهم بإرادتهم وشراء الذمم بالأموال والسلطة، أوصل العراق الى مرحلة تطورت بها الجيوش والميليشيات لتصبح البنية الأساسية للدولة والتي تتحكم بإرادة الشعب ومقدراته، او ما يسمونه اليوم بالدولة العميقة، حيث ان هذه العصابات المنظمة تواجه أي عنصر يحاول العمل بمهنية لان اعماله تعرضهم للتوبيخ من قبل الدول التي تدعمهم، بسبب انها تأتي خارج ارادتهم، بالطبع كلاهما وجهين لنفس العملة سواء من يوالي الجبهة الشيوعية او الجبهة الرأسمالية، لانهما سيذهبان مع الريح من دون دعمهم ولهذا فان مصالحهم الشخصية تتطلب منهم رمي حب الوطن عرض الحائط.

لا توجد قوة تستطيع تغيير قناعة الأشخاص وخاصة العراقيين، وهذا ما يجعلهم لقمة سائغة للآخرين، هم يقدمون عواطفهم امام مصالحهم، فمن يريد ان نقطع علاقتنا بالسعودية ينسى انها حليفة لدول أخرى تحدنا من الجهة الغربية والجنوبية وتؤثر بشكل واضح على مكانتنا الاقتصادية لاسيما وان السعودية تلعب دوراً كبيراً في أسعار النفط الخام والذي يعتمد العراق باقتصاده عليه، ومن يريد ان يقطع علاقتنا بإيران فانه يقطع حدود العراق الشرقية بالكامل من شماله الى جنوبه، بل وحتى جزء من شط العرب والخليج لاسيما انه تحت سيطرة ايران، وهي اللاعب الأساسي في المنطقة والذي تعتمده الصين وروسيا كحليف مفيد يعكر مزاج أمريكا في المنطقة.

ليس من العقل معاداة دول الجوار والدول العظمى، ولكن يجب ان تتغير طريقة التفكير، لم تجلب لنا الولاءات سوى الدمار والتخريب، من حكم البعث الدكتاتوري الى حكم الأحزاب العميلة، كلهم كانوا يوالون على حساب العراق، من حرب الخليج الأولى والثانية وحتى حرب داعش، كلها كان سببها ولاءات حمقاء غير مدروسة وطنت المحاصصة التي مزقت العراقيين، ولن ينتهي هذا الصراع الا ان تغيرت فكرة الولاء الى فكرة تقديم مصلحة البلد فوق مصالح البلدان الأخرى.

اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد

مواضيع ذات صلة

فتح التعليقات
إغلاق التعليقات

0 الرد على "بغداد «المحتلة».. كيف تتخلص العراق من الولاءات وقوى الاستقطاب؟"

إرسال تعليق

اعلان اعلى المواضيع

اعلان وسط المواضيع 1

اعلان وسط المواضيع 2