((وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ))

اعلان 780-90

((وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ))

سورة هود الآية 88.

وردت هذه الآية وهي تظهر محادثة نبي الله شعيب لقومه وهو ينهاهم عن إنقاص الكيل والميزان، وعن بخس الناس اشياءهم ونشر الفساد، وعند التمعن في الآية الكريمة نجد ان شعيب يشير بكلامه الى قاعدة أخلاقية جميلة، وهي ان لا تنهى عن فعل وتأتي به، فهذا الفعل يضع الانسان في حقل النفاق، فليس من المهم ان توجه وان تبين نفسك على قدر من الالتزام الأخلاقي وانت عارٍ عن هذه الفضائل التي تدعو اليها، وكلك عيوب من التي تنهى عنها.

((إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ))

هكذا يكمل نبي الله شعيب مقالته، فهو من خلال توجيهاته الأخلاقية يحاول بأقصى قدراته ان يحقق الإصلاح الاجتماعي، في الوقت نفسه فانه يمتنع عن فعل ما ينهاهم عنه، فالإصلاح لا يأتي بالكلام الفارغ، بل يأتي بالأفعال.

الصدق

أحد الأصدقاء طلب مني في زمنٍ ماضٍ، ان اكتب عن الصدق، واهميته في الحياة الاجتماعية، وكنت أفكر في طلبه، وبعد أيام من طلبه سألني ان كنت قد كتبت شيئاً حول الموضوع، الا إني اعتذرت منه، كنت بحاجة الى صراحة حينها لأقول له السبب، ولكني تحججت بحجج أخرى وانهيت الموضوع.
اليوم وانا استذكر هذا الموقف مني، اشعر بالارتياح، لأني لم اكتب عن الصدق، ولو كتبت لكنت قد أصبحت منافقاً، وأقول بما لا افعل، وحتى هذه اللحظة انا عاجز عن ان اكتب عن الصدق واهميته في المجتمع، لأني وبكل صراحة لا أستطيع ان ادير حياتي بدون الكذب، ولا فرق بين كذبة وأخرى، او السبب وراء هذه الكذبة، انا اكذب ولا أقول الصدق في حياتي اليومية، وهذا يعني أنى لن ولن أتكلم عن فضيلة الصدق وادعو الى العمل بها، ولكني امتلك الشجاعة لقول الحقيقة.

((وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ))

بالله تعالى نستطيع ان نغير احوالنا، لسنا كاملين بالشكل المثالي، الا اننا نستطيع ان نقلل الكذب، وان نزيد من الصدق، او بعبارة أخرى، نستطيع ان نضع حدود للكذب، فلا نشهد زوراً ابداً، ولا ندعي فعل ما لم نفعله، ولا نسرق ونغش وندلس ونرمي بالأعراض ومن ثم ننكر كل افعالنا، ونرمي بها على غيرنا.
إذا تجردنا عن خوفنا وحيائنا من الله تعالى، ولم نجعل افعالنا متعلقة برضاه وتوفيقه لنا، فمن السهل ان نسلك طريق الخطأ، ومن السهل جداً ان نستخدم الأساليب القذرة، وان نتكلم بالمثاليات، وان نظهر أنفسنا أولياء لله، ونحن اعدى اعدائه سبحانه وتعالى.

((عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ))

كيف نصحح أفعالنا؟

عندما نتوكل على الله تعالى، وان نجعله امامنا عندما نفعل أي فعل، ونعلم يقيناً بانه يشاهدنا ويعلم ظاهرنا وباطننا، وما تخفي نفوسنا، ومن اجل ذلك، فإننا نستطيع ان نروض أنفسنا حتى لا نسيء لاحد، وان نحصر جميع مخالفاتنا للفضائل الأخلاقية بما هو دون الخطوط الخطرة، وان نحاول ان نتجنب الوقوع في هاوية الاسراف في فعل الأخطاء.

((وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ))

الرجوع الى الله تعالى، وان نجعل من ضمائرنا، حية ولا تموت، وان نرجع الى الله عندما نقوم بفعل خاطئ، وان لا نصر عليه، ومن ثم نتوجه الى الله القادر المتعال، ونستغفره على افعالنا التي قمنا بها، وان نعلن توبتنا عن إعادة هذا الفعل، لاسيما ان كانت افعالنا تؤثر على الآخرين وتضر بهم، اما ما تعلق به تعالى، فانه رحيم ودود.

((قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا))

عندما تنظر الى القائل لا إلى ما يقول، تصبح بهذا العمى والضلال، ولا تستطيع ان تميز بين الحق والباطل، وعندما تقدم مصلحتك على مصالح العباد، وان تنظر إليهم بنظرة المتكبر المغرور، فانت بالتأكيد تقف بعيداً جداً عن شواطئ النجاة، بل وتقترب من هاوية البعد عن رحمة الله.

((وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ))

وفي الختام، من كان ينظر الى القائل، فانه لن يضر في النهاية سوى نفسه، وان رفضنا ورفض قولنا، فهذا لا يعني ان نترك ما نؤمن به، وان لا نركن الى الظالمين والضالين، بل نعمل على ما نحن قادرين على فعله، ونحاول بشتى الطرق ان نقترب من الفضيلة، وان نؤسس لأنفسنا قاعدة أخلاقية، تحمينا من السقوط في شرك الرذيلة والانحطاط.
والحمد لله رب العالمين

اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد

مواضيع ذات صلة

فتح التعليقات
إغلاق التعليقات

0 الرد على "((وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ))"

إرسال تعليق

اعلان اعلى المواضيع

اعلان وسط المواضيع 1

اعلان وسط المواضيع 2