سراً وعلانيةً

اعلان 780-90

سراً وعلانيةً


قد يظن البعض أن إعطاء الأموال لابد ان يكون تحت عنوان السرية لإبقاء أجره، وعدم الوقوع في مفاسد الرياء وطلب السمعة، وعدم إحراج الناس عند إعطائهم، ولكن يخفى على البعض أن العطاء يقع ضمن مجموعة من الأبواب التي قد تجيز بل قد توجب الإعلان وهي على النحو الآتي:

العطاء يقع ضمن مجموعة من الأبواب

أولاً: الإنفاق الواجب

وهو ما على كل مسلم ان يدفعه من أموال عند تحقق شروط الدفع كالزكاة والخمس ونفقة الزوجة وما شابهها من موارد توجب على المسلم دفع ما عليه من مستحقات مالية الى مستحقيها او الى ولي الامر، كأن يكون الحاكم الشرعي عند البعض او النظام الحاكم، وهذه الأموال تأخذ ليتم استخدامها لإعالة وخدمة المجتمع، وهي عملية تكافلية تشبه نظام الضرائب في بعض دول العالم.
ولا ضرر من اعلان الشخص عما دفعه من حقوق شرعية لأنه بذلك يشجع الاخرين الذين يتخوفون على أموالهم او ممن لديهم الشك وتأخذهم الريبة في طريقة إنفاق هذه الأموال، بل ولعله بذلك يوضح للناس حجم وقيمة ما اعطى ليستطيعوا بعد ذلك الاحتجاج على صاحب الشأن لمعرفة مواطن صرف تلك الأموال.

ثانياً: الإنفاق المستحب

  1. الانفاق بشكله العام في سبيل تقديم خدمة اجتماعية عامة او تقديم مساعدة لشخص او مجموعة اشخاص، فمن الانفاق مثلاً اعمار مدرسة او المشاركة في تعبيد شارع او في كفالة يتيم او توفير الطعام لبعض الأشخاص، ويتميز هذا الانفاق انه ليس بالضرورة ان يكون نقوداً وانما قد يكون أشياء عينية، ولكنها تنتهي بالنتيجة الى انه أنفق من ماله لهدف معين يقدم به عملاً ايجابياً للمجتمع او لجزء منه، وهنا ايضاً لا ضرر من الاشهار وبذل الأموال علانيةً لأنه قد يشجع الاخرين على فعل الخير، وهذه من العادات الاجتماعية التي يجب المحافظة عليها من خلال الشعور بالمسؤولية العامة وواجب تحقيق التكافل الاجتماعي.
  2. الانفاق على الاهل والاقارب، وهذا يتحقق بالأولوية والاهمية، فكلنا يعلم ان الاقربون أولى بالمعروف، وان تكافل الاسرة فيما بينها سيحقق التكافل المجتمعي، لأنه لا يوجد مجتمع متكافل واسره ممزقة ومفككة ولا تربطها أواصر الرحمة.
  3. الانفاق على سبيل الصدقة، وهذه الأموال تعطى لمن يعاني الفقر والحرمان من جاهر به ومد يده للمعونة وممن بقي عصامياً لم يتقبل هدر ماء وجهه في سبيل لقمة العيش، وفي هذا العنوان هناك ضوابط أخلاقية وقواعد سلوكية على المنفق ان يتصف بها، منها عدم استصغار المقابل له، وعدم ردعه ونهيه بصورة تفتقد الى الإنسانية، ولهذا كانت الكلمة الطيبة صدقة لأنها وان لم توفر لقمة عيش الا انها لم تهتك كرامة هذا الانسان، بل ولعل الكلمات تجلب الامل لدى البعض، وايضاً لابد من الحفاظ على كرامة الشخص وعدم التلذذ بالنظر الى انكساره الذي قاده بذلك صراخ اطفاله من الجوع، وفقدانه للقدرة على العمل، اما التصدق على العصاميين فله شكل ووجه اخر، فهو يتطلب بعض المداراة وتغيير عنوان العطاء والحفاظ على سمعة هؤلاء وعدم التشهير بهم، وبذلك فان الانفاق على سبيل الصدقة يكون مرة علناً ومرة أخرى يكون سراً.

عندما تمر على المجتمع محنة يتخبط الجميع في البحث عن النجاة

عندما تمر على المجتمع محنة، كما هو حاصل في زماننا من انتشار لوباء عالمي يحصد أرواح الناس في مختلف بقاع الأرض، يتهاوى المجتمع طبقياً فيضيع الضعيف فيه وتتدهور أوضاع الغني، ويتخبط الجميع في البحث عن النجاة، ويقف فقط الخاسر يقف بلا شعور بالخوف امام هذه الكارثة لأنه لم يعد يشعر بالخسارة التي هو غارق فيها، لذلك تجد الناس لا تبالي للحجر وغيره، لأنها لا تريد ان تموت في بيوتها جوعاً، وكلما طال الامر تزايدت وتفاقمت النفقات واصبح كل شيء ضعف ما كان، لا نتكلم عن الوعي، فالناس قد فقدت الوعي وهي تفكر بما بعد الوباء حيث ستحل الكارثة.

سلبيات الأزمة والحجر الصحي

تصور عامل يقتات من عرق جبينه اليومي، قد اقعدته الازمة عن العمل، وهو مطلوب ان يدفع أجور الكهرباء واجار البيت واقساط دراجته النارية وهاتف ابنه وابنته، غير ما عليه من نفقات عائلته من طعام ودواء وغيرها، وهذا العامل بعد ثلاثة شهور وبعد انحسار الازمة، يقف ليجد نفسه بلا عمل وسط كساد اقتصادي، ومطلوب للناس ليدفع ما بذمته من أموال، وحينها سيتمنى انه مات بالوباء ولم ينجو منه.

على الجميع التكاتف في هذه المحنة

فليس علينا ان نجمع ونوصل الطعام للمحتاجين فقط، بل على الجميع التكاتف في هذه المحنة، فيسقط صاحب الاجار استحقاقه او يقلل صاحب الأقساط اقساطه، ليتصل صاحب العمل بعماله ليطمئن على احوالهم، تلك ابسط ما يكون لنعيد لهؤلاء غير الواعين وعيهم بأنهم لن يغرقوا بوجود مجتمع يؤمن بالتكافل والتراحم.والحمد لله رب العالمين

اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد

مواضيع ذات صلة

فتح التعليقات

اعلان اعلى المواضيع

اعلان وسط المواضيع 1

اعلان وسط المواضيع 2