اجعله صديقك

اعلان 780-90

اجعله صديقك


في حياتنا اليومية تمر علينا حوادث بعضها جديدة والأخرى متكررة، ومع ضغوط العيش وصعوبة الحياة، وكثرة المسؤوليات، يفقد الشخص رباطة جأشه، ينهار في لحظة من لحظات انفعاله، يرى نفسه بلا سند، وحيدًا في مواجهة إعصار الديون وسموم الحاسدين، وتلوث أفكار الناس، سيشعر بالانكسار والانحسار، كماء البحر المرتد عن الشواطئ، تاركًا محله زبدًا وفراغًا، عند تلك النقطة فإن الإنسان بحاجة إلى من يشكو إليه همومه، وإلى ذراع تحن عليه بعناقٍ حار، وبابٍ لا يغلق في وجهه في أي وقت أو زمان.

من الصعب أن تجد صديقًا مثاليًّا لك لتشكو إليه، وتتناجى وتتسامر معه، ليصبح خليلك الذي لا تستغني عنه، رفيقك أينما حللت ونزلت، حتى وإن قصرت معه، أو أنك لا تذكره إلا عند حاجتك له، فإنه يبقي لك أذنه ليصغي إليك، ويتحبب إليك، رغم أنك من بحاجته، وأنت من تطلب معروفه، وتنتظر لطفه.

أنت بحاجة إلى صديق غني، لا يطلب منك لنفسه شيئًا، وملك مقتدر، ليس بحاجة إلى تملقك له، وقاضٍ عادل لا تختلط عليه الأمور، ولا يحكم إلا بالحق، نعم نحن بحاجة إلى صديق يصدقنا ولا يكذب علينا، يحترمنا ويحبنا، ولا يؤاخذنا لسفاهتنا، نريد أن نغفو عند بابه، لا نخجل من الاعتراف عنده، لا نمتنع عن البكاء إذا تطلب الأمر ذلك، نسأله بلا تكلف، ونرتمي عند أسوار قلاعه الحصينة إذا ما نزل علينا البلاء وأطلق العنان لبوق الخوف، وزاغت الأبصار، وعقدت الالسن.

لمن أبعدته أصوات مشايخ الفتنة والسفهاء من رجال الدين وعلمائه عن الله، إنها الفرصة للعودة إليه، إن لم ترغب في أن تتعامل معه كرب، فاجعله صديقًا لك، لا تجعله عدوك، تقرب إليه وتكلم معه، إنه يستمع ويهتم، ولا تختلط عليه الأصوات، فإن لم تعرف كيف تتحدث إليه، فهذه أيام شهر الله الكريم، اجلس في ليلتك هذه واترك هاتفك وعالمك وهمومك، اقرأ دعاء الإمام علي بن الحسين السجاد، عليه السلام، والمعروف بدعاء أبي حمزة الثمالي، ستتعلم منه من أنت ومن هو، وكيف أنت وكيف هو، سينقلك إلى عالم آخر، فقط تمعن في كلماته، واترك قلبك يستسلم، حينها ستعلم أن الله لا كما قيل لك، بل الله كما عرفه الأنبياء والأوصياء والصالحون.

في طيات الدعاء هناك الكثير من المعاني والمقاطع، صاغها الإمام السجاد بطريقة احترافية، جعلته دعاءً يناغي الروح، ويعرج بالإنسان ثم يسري به، ليجد نفسه إما متكاسل عن التقرب لله فيشعر حينها بالنعاس، وإما محتاج بحق إليه فلا تغفو له عين، ولا تخدر عنده جارحة. لهذا أنا أدعو الجميع لقراءة هذا الدعاء، من غير تشنج ولا تعصب، ومن غير أنفة ولا تكبر، وإن تطلب الأمر فاقرأه لتشبع فضولك، أو على الأقل لتعرف إن كانت قراءته تستحق العناء أم لا.

وهذا جزء من الدعاء

«اَللّهُمَّ إنّي كُلَّما قُلْتُ قَدْ تَهَيَّأتُ وَتَعَبَّأتُ وَقُمْتُ لِلصَّلاةِ بَيْنَ يَدَيْكَ وَناجَيْتُكَ ألْقَيْتَ عَلَيَّ نُعاسًا إذا أنَا صَلَّيْتُ، وَسَلَبْتَني مُناجاتِكَ إذا أنَا ناجَيْتُ، ما لي كُلَّما قُلْتُ قَدْ صَلَحَتْ سَريرَتي، وَقَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوّابينَ مَجْلِسي، عَرَضَتْ لي بَلِيَّةٌ أزالَتْ قَدَمي، وَحالَتْ بَيْني وَبَيْنَ خِدْمَتِكَ سَيِّدي لَعَلَّكَ عَنْ بابِكَ طَرَدْتَني، وَعَنْ خِدْمَتِكَ نَحَّيْتَني أوْ لَعَلَّكَ رَأيْتَني مُسْتَخِفًّا بِحَقِّكَ فَأقْصَيْتَني، أوْ لَعَلَّكَ رَأيْتَني مُعْرِضًا عَنْكَ فَقَلَيْتَني، أوْ لَعَلَّكَ وَجَدْتَني في مَقامِ الْكاذِبينَ فَرَفَضْتَني، أوْ لَعَلَّكَ رَأيْتَني غَيْرَ شاكِر لِنَعْمائِكَ فَحَرَمْتَني، أوْ لَعَلَّكَ فَقَدْتَني مِنْ مَجالِسِ الْعُلَماءِ فَخَذَلْتَني، أوْ لَعَلَّكَ رَأيْتَني فِى الْغافِلينَ فَمِنْ رَحْمَتِكَ آيَسْتَني، أوْ لَعَلَّكَ رَأيْتَني آلِفَ مَجالِسِ الْبَطّالينَ فَبَيْني وَبَيْنَهُمْ خَلَّيْتَني، أوْ لَعَلَّكَ لَمْ تُحِبَّ أنْ تَسْمَعَ دُعائي فَباعَدْتَني، أوْ لَعَلَّكَ بِجُرْمي وَجَريرَتي كافَيْتَني، أوْ لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيائي مِنْكَ جازَيْتَني، فَاِنْ عَفَوْتَ يا رَبِّ فَطالما عَفَوْتَ عَنِ الْمُذْنِبينَ قَبْلي، لأنَّ كَرَمَكَ أيْ رَبِّ يَجِلُّ عَنْ مُكافآتِ الْمُقَصِّرينَ، وَأنَا عائِذٌ بِفَضْلِكَ، هارِبٌ مِنْكَ إلَيْكَ، مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أحْسَنَ بِكَ ظَنًّا، إلهي أنْتَ اَوْسَعُ فَضْلًا، وَأعْظَمُ حِلْمًا مِنْ أنْ تُقايِسَني بِعَمَلي أوْ أنْ تَسْتَزِلَّني بِخَطيئَتي، وَما أنَا يا سَيِّدي وَما خَطَري، هَبْني بِفَضْلِكَ سَيِّدي، وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ، وَجَلِّلْني بِسِتْرِكَ، وَاعْفُ عَنْ تَوْبيخي بِكَرَمِ وَجْهِكَ».

اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد

مواضيع ذات صلة

فتح التعليقات

اعلان اعلى المواضيع

اعلان وسط المواضيع 1

اعلان وسط المواضيع 2